في عصر يتسم بالسرعة والتطور التقني المستمر، أصبحت البيانات المحرك الأساسي لأي نجاح تجاري أو تطور مهني. ولم يعد اتخاذ القرارات بناءً على الحدس أو التجربة السابقة كافيًا لمواكبة التغيرات المتسارعة في السوق. وهنا يأتي دور تحليل البيانات كأداة استراتيجية فعالة تساعد المؤسسات على فهم الواقع بدقة، وتوقع المستقبل بثقة، وتحقيق أداء أفضل من خلال استثمار المعلومات المتوفرة بأقصى كفاءة ممكنة. في هذا السياق من تكنولوتريك ، يتعمق هذا الموضوع في المفاهيم الأساسية لتحليل البيانات، ويستعرض دوره في اتخاذ قرارات استراتيجية، وأثره المباشر في تحسين الأداء على مختلف المستويات.
مفاهيم تحليل البيانات في الأعمال
في الحقيقة، إن ما يعرف بتحليل البيانات ليس بمجرد تعريف أو مفهوم بسيط في مجال الأعمال، بل هو عالم متكامل من التقنيات والمفاهيم التي تبحر بك نحو نتائج مثالية وإبداع رائع في مجال عملك مهما كان نوعه، إذ إنها تمكنك من فهم تأثير كل عامل أو عنصر مؤثر من حولك، فهي ترتكز على مجموعة من المفاهيم والأساسيات التي تجعلها ضرورية في تطوير أي عمل والارتقاء به نحو أعلى مستوى، ومن أهم هذه المفاهيم نذكر لكم ما يلي:
جمع البيانات
والتي يقصد بها البحث والحصول على كافة البيانات والمعلومات التي تفيدك من خلال مجموعة متنوعة من المصادر المتاحة لك، سواء كانت هذه المصادر داخلية (أي من مستودع البيانات وقواعد التخزين التابعة لشركتك) أو مصادر خارجية على نمط مواقع التواصل الاجتماعي بكافة أنواعها.
تنظيف البيانات
أي أنها عملية إزالة الأخطاء الواضحة والمخفية في قواعد البيانات التي حصلت عليها، بالإضافة إلى استبعاد كافة البيانات غير المرتبطة بموضوع الدراسة الذي تعمل عليه، أو التي تعتبر غير مرتبطة به أو حتى مكررة، ولا يفوتنا أن ننوه إلى أنه كلما كانت عملية التنظيف أدق وأشمل، كلما كانت النتائج دقيقة ومرضية بشكل أكبر.
تحويل البيانات
نقصد بها عملية نقل البيانات وتنسيقها ومن ثم تحويلها إلى صيغة تفيد في الدراسة الحالية التي يتم إجرائها، حيث أن لكل مجال أو عملية ضمن أي شركة نوع محدد من البيانات الذي يجب أن يتم اعتماده في كافة الإجراءات التابعة لها حصرًا، ونحيطك علمًا إلى أنه يجب أن يكون هذا النوع قابل للتحليل ومرن عند تنفيذ الاستراتيجيات عليه.

تحليل البيانات
والتي نعني بها استخدام عدة أساليب إحصائية وتطبيق بعض العمليات الحسابية المناسبة في سبيل استخراج معلومات مهمة وذات فائدة من كل البيانات التي تم إدخالها، وهي ترتكز بشكل رئيسي على مدى براعة الشخص وقدرته في استنباط المعلومات بشكل فعال.
عرض البيانات
وهي العملية التي يتم بها تقديم المعلومات الناتجة عن عملية التحليل بطريقة متناسقة وجذابة في نفس الوقت، حيث يمكن عرضها على شكل خطوط بيانية، رسومات توضيحية أو حتى جداول توزيعية، وذلك من أجل جعل هذه المعلومات واضحة لكل من يراها وملفتة للنظر بشكل رائع.
استخدام البيانات
والتي يقصد بها تطبيق المعلومات الناتجة ضمن العمليات والاستراتيجيات التي يتطلبها العمل، وذلك في إطار اتخاذ قرارات فعالة وذات فائدة كبيرة في تحسين آلية العمل وتوسيع نطاقه إلى أكبر مجال ممكن.
اقرأ أيضاً: تأثير التغير المناخي على تطوير تقنيات الطاقة المتجددة في الشتاء
كيف يساعد تحليل البيانات في اتخاذ قرارات استراتيجية؟
في الحقيقة، إن فوائد تحليل البيانات كثيرة ومتنوعة بشكل كبير، ولكن تكمن أهم فائدة له في المساعدة على اتخاذ قرارات استراتيجية مدروسة ومساهمة في تحسين الأداء نحو الأفضل، حيث إنه يعمل على تحقيق الأمور التالية:
- فهم متطلبات السوق وتغيراته على أكمل وجه.
- تحديد احتياجات العملاء.
- دراسة المنافسين ومعرفة نقاط القوة والضعف الموجودة لديهم، بالإضافة إلى إدراك الاستراتيجيات والمهارات التي يعتمدونها في عملهم.
- انتقاء الفرص التي يمكن اعتمادها وتطبيقها من أجل التطور والإبداع في العمل.
- تحديد المخاطر التي يمكن أن تؤثر على جودة العمل، مع اتخاذ القرارات الملائمة للتعامل معها على أكمل وجه.
- تحسين العمليات والاستراتيجيات المتبعة في الشركة بشكل فعال.
- التخفيض بشكل كبير من التكاليف المترتبة على الشركة.
- دراسة أداء الشركة وتحديد مكانته وكيفية تقدمه أو تراجعه بشكل دقيق.
اقرأ أيضاً: أيفون اس اي SE 4 مواصفات apple iphone الجديد وسعره
التقنيات المستخدمة في تحليل البيانات لتعزيز الأداء التجاري
بشكل عام، يوجد العديد من التقنيات والأدوات التي يتم استخدامها في تحليل البيانات بغرض تعزيز الأداء التجاري وتطويره على نحو أعلى، ومن أبرز هذه التقنيات نذكر لكم ما يلي:
- التنقيب عن البيانات: والتي يقصد بها اكتشاف كل الأنماط الظاهرة والعلاقات المخفية ضمن البيانات المدخلة مهما كان نوعها.
- التعلم الآلي: حيث يتم استخدام خوارزميات متطورة من أجل التنبؤ بالنتائج المستقبلية واتخاذ قرارات مناسبة ذات طابع آلي.
- تحليل النصوص: وذلك من أجل فهم متطلبات العملاء ومشاعرهم بطريقة صحيحة، مع الحرص على معرفة آرائهم حول كافة المنتجات والخدمات التي تقدمها الشركة ضمن نطاقها.
- تحليل الشبكات الاجتماعية: والتي تتنوع وتختلف لتشمل كل مواقع التواصل الاجتماعي دون استثناء، وذلك من أجل فهم سلوك العملاء بصورة دقيقة وتحديد اتجاهات السوق بشكل مدروس وفعال.
- لوحات البيانات: حيث يتم من خلالها عرض البيانات وتقديمها بطريقة بصرية ملفتة للنظر، وفي نفس الوقت تفاعلية ومرنة، وذلك من أجل تسهيل مراقبة الأداء واتخاذ القرارات بصورة صحيحة.

أمثلة حية لشركة استفادت من تحليل البيانات لتحسين الأداء
بما أن تحليل البيانات يعتبر من المهارات الأساسية والمهمة في هيكل عمل أي شركة، فإنه يسرنا إخبارك بأن العديد من الشركات المرموقة والمشهورة على مستوى العالم تعتمده بشكل رئيسي ضمن نطاق عملها، ومن أبرز هذه الشركات نذكر لكم:
نتفليكس
تستخدم نتفليكس هنا كوسيلة مساعدة في تحليل البيانات بكافة تفاصيلها من فهم تفضيلات المشاهدين وتقديم محتوى مُناسب لهم، مما يساهم في زيادة مُعدلات الاشتراك.
أمازون
إذ إنها تعتمد على آليات وتقنيات تحليل البيانات في تقديم توصيات مخصصة للمنتجات الأكثر رواجًا بين العملاء، بالإضافة إلى دورها الكبير في تحسين إدارة سلسلة التوريد، مع تحديد الأسعار المناسبة لكل منتج حسب أهميته ومقدار الطلب عليه.
ستاربكس
تعترف هذه الشركة بأنها وصلت للشهرة التي تمتلكها حاليا بفضل استخدامها لعمليات تحليل البيانات في تحديد أفضل المواقع وأكثرها ملائمةً من أجل فتح عدة فروع جديدة، ولا ننسى اعتمادها على تقنيات التحليل في تطوير المنتجات القديمة وابتكار منتجات جديدة أكثر رواجًا مما سبقها، وذلك كي تضمن تحسين تجربة العملاء بشكل ملحوظ.
في الختام، يمكن القول إن تحليل البيانات لم يعد خيارًا ترفيهيًا أو ميزة تنافسية إضافية، بل أصبح ضرورة حتمية لضمان النجاح والاستمرارية في بيئة الأعمال الحديثة. فبفضل الأدوات والتقنيات المتاحة اليوم، أصبح بالإمكان تحويل الكم الهائل من البيانات إلى رؤى دقيقة وقرارات ذكية تعزز من كفاءة الأداء وتفتح آفاقًا جديدة للنمو والتطور. لذا فإن الاستثمار في تحليل البيانات، سواء من حيث المهارات أو البنية التحتية، هو أحد أهم الخطوات التي يجب على أي مؤسسة اتخاذها إذا ما أرادت الحفاظ على تنافسيتها في المستقبل القريب والبعيد.